هوندا NSX أسطورة السيارات الرياضية

آخر تحديث: أغسطس 7, 2025

6 دقائق

في عالم السيارات الرياضية، تتجه الأنظار غالبًا نحو الأسماء الأوروبية العريقة مثل فيراري، ولامبورغيني، وبورش، لكن في مطلع التسعينيات، خرجت اليابان عن المألوف وقدمت للعالم تحديًا غير مسبوق، تمثّل في سيارة رياضية خارقة حملت توقيع هوندا، فجاءت NSX لتكسر القواعد، بتصميم مستوحى من الطائرات المقاتلة، وهندسة متقدمة سبقت عصرها، ومساهمة أسطورية من بطل الفورمولا 1 آيرتون سينا، وعلى مدار جيلين، استطاعت NSX أن تكتب اسمها بأحرف من ذهب في سجلات تاريخ السيارات، ليس فقط لما قدمته من أداء مميز، بل لما أحدثته من تأثير عميق على فلسفة تصميم وهندسة السيارات الخارقة حول العالم.

تصفح سيارات هوندا NSX بأفضل الأسعار

محتوى

البداية: ولادة أسطورة

في أواخر الثمانينيات، كانت هوندا قد أثبتت نفسها كشركة رائدة في مجال تصنيع السيارات الاقتصادية والدراجات النارية، لكنها أرادت الذهاب أبعد من ذلك، فكانت تسعى إلى دخول ساحة السيارات الرياضية الخارقة، وهي فئة كانت تهيمن عليها شركات أوروبية مثل فيراري وبورش، وأرادت هوندا تقديم سيارة تُظهر للعالم أن الأداء العالي والموثوقية يمكن أن يجتمعا في قالب واحد.

لهذا الغرض، أطلقت مشروعًا طموحًا تحت اسم NSX، وهو اختصار لعبارة New Sportscar eXperimental – أي “السيارة الرياضية التجريبية الجديدة”، ولم يكن الهدف فقط إنتاج سيارة رياضية سريعة، بل أرادت هوندا بناء سيارة خارقة تقدم أداء فورمولا 1 على الطرق العامة، مع مستوى من الجودة والاعتمادية لم يكن موجودًا في تلك الفئة آنذاك، فتم الكشف عن النموذج التجريبي الأول في معرض شيكاغو للسيارات عام 1989، وأبهر الجميع بتصميمه المستقبلي وخطوطه، أما الإنتاج التجاري فقد بدأ فعليًا في عام 1990، لتدخل NSX خط الإنتاج وتفتح فصلاً جديدًا في تاريخ السيارات الرياضية.

ما جعل NSX مميزة منذ اليوم الأول هو استخدامها تقنيات متقدمة وثورية في وقتها، أبرزها أنها أول سيارة إنتاجية في العالم تُصنع بهيكل كامل من الألمنيوم، وهذا الابتكار قلل من وزن السيارة بنسبة تقارب 200 كجم مقارنة بالهيكل الفولاذي التقليدي، دون التضحية بالصلابة أو الأمان، كما ساهم في تحسين الأداء، خاصة من حيث التسارع، التوازن، وكفاءة استهلاك الوقود، وبالإضافة إلى الهيكل، تميزت NSX بنظام تعليق مزدوج مستوحى من سيارات السباق، وتصميم منخفض وموزون بدقة لتحقيق توزيع مثالي للوزن، مما منحها قدرة فريدة على التحكم والثبات أثناء القيادة بسرعات عالية أو في المنعطفات الحادة.

تأثير آيرتون سينا: لمسة أسطورة الفورمولا 1

من أبرز المحطات في تطوير هوندا NSX كانت مشاركة أسطورة الفورمولا 1 البرازيلي آيرتون سينا، الذي أضفى على السيارة بعدًا جديدًا من الاحترافية، ففي تلك الفترة، كانت هوندا تزود فريق ماكلارين في الفورمولا 1 بالمحركات، وكان سينا سائق الفريق الأول، ما جعل التعاون بين الطرفين طبيعيًا ومثمرًا، فقامت هوندا بدعوة سينا لاختبار النماذج الأولية من NSX على الحلبات، وتحديدًا على حلبة سوزوكا في اليابان، وبفضل خبرته العميقة وشعوره الفريد بالسيارة، لاحظ سينا بعض النقاط التي تحتاج إلى تحسين، أبرزها أن هيكل السيارة لم يكن صلبًا بما يكفي لدعم أسلوب القيادة الرياضي الحقيقي.

استنادًا إلى ملاحظاته الدقيقة، قامت هوندا بتقوية الهيكل وزيادة صلابته، كما عدّلت نظام التعليق ليوفر ثباتًا أكبر وتحكمًا أدق، خاصة عند القيادة بسرعات عالية أو في المنعطفات الحادة، حيث ساهمت هذه التعديلات في رفع مستوى NSX إلى درجات جديدة، فلم تعد مجرد سيارة رياضية سريعة، بل أصبحت واحدة من أكثر السيارات توازنًا واستجابة في فئتها.

الجيل الأول (1990–2005): بداية المجد

مع إطلاق الجيل الأول من هوندا NSX في عام 1990، دخلت هوندا رسميًا عالم السيارات الخارقة، وقدّمت سيارة غيرت قواعد اللعبة، حيث تم تجهيز NSX بمحرك V6 بسعة 3.0 لتر مثبت في المنتصف، يعمل بتقنية هوندا الشهيرة VTEC (نظام توقيت الصمامات الذكي)، ليولد قوة تبلغ نحو 270 حصانًا، وكان هذا المحرك متصلًا بناقل حركة يدوي من 5 سرعات، مع خيار ناقل حركة أوتوماتيكي.

أحد أكثر الجوانب التي لفتت الانتباه في NSX كان تصميمها الخارجي، الذي استُوحي من طائرات F-16 المقاتلة، وخاصة في شكل المقصورة الأمامية المنخفضة والرؤية الواسعة للسائق، حيث استخدم في هيكل السيارة بالكامل الألمنيوم خفيف الوزن، في سابقة عالمية لسيارة إنتاج تجاري، مما منحها توازنًا مثاليًا بين الوزن الصافي والصلابة، وسمح لها بتحقيق أداء رشيق ومتزن على الطرقات والحلبات.

وفي عام 1997، خضعت NSX لأول تحديث رئيسي، حيث زادت هوندا سعة المحرك إلى 3.2 لتر ورفعت القوة إلى 290 حصانًا، كما تم تقديم ناقل حركة يدوي جديد بـ 6 سرعات، مما حسّن من تسارع السيارة واستجابتها، إضافة إلى ذلك، تم تحديث نظام التعليق والعجلات، ما عزز من ثباتها وتفاعلها مع السائق.

الجيل الثاني (2016–2022): عودة الأسطورة بتقنيات هجينة

بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات منذ توقف الجيل الأول، عادت هوندا إلى الساحة في عام 2016 بإطلاق الجيل الثاني من NSX – أو كما عُرفت في بعض الأسواق، خاصة أمريكا الشمالية، باسم Acura NSX، وعلى عكس الجيل الأول الذي اتسم بالبساطة الميكانيكية والاعتمادية، جاءت NSX الجديدة محمّلة بتقنيات هجينة متطورة، في قلبها محرك V6 مزدوج التيربو سعة 3.5 لتر، يعمل إلى جانب ثلاثة محركات كهربائية – اثنان منها في المحور الأمامي، وواحد مدمج مع ناقل الحركة ثنائي القابض من 9 سرعات، حيث أنتجت هذه التوليفة قوة إجمالية تصل إلى 573 حصانًا، مع نظام دفع كلي يُعرف باسم Sport Hybrid SH-AWD (Super Handling All-Wheel Drive).

ومن حيث التصميم، احتفظت NSX الجديدة بروح الجيل الأول: خطوط انسيابية، ومقصورة منخفضة، ومحرك وسطي – لكنها اتسمت بشكل أكثر عدوانية وتقنية، مع فتحات تهوية نشطة، وجاءت المقصورة الداخلية مع واجهات رقمية وشاشة مركزية متعددة الوظائف، ورغم هذه القفزة الكبيرة في الأداء والتكنولوجيا، واجهت NSX الجيل الثاني تحديات في السوق، أبرزها كان ارتفاع السعر، وظهورها في فترة شهدت طفرة في السيارات الخارقة من علامات مثل ماكلارين، وبورش، ولامبورغيني، ومع ذلك، بقيت NSX مثالاً نادرًا على كيفية دمج القوة، والذكاء الصناعي، والكفاءة البيئية في سيارة رياضية خارقة، وتوقّف إنتاج الجيل الثاني في عام 2022، لكن إرثه كمحاولة جريئة لإعادة تعريف “السيارة الخارقة اليابانية” في القرن الحادي والعشرين سيظل محفوظًا.

التصميم والهندسة

سواء في الجيل الأول أو الثاني، حافظت هوندا NSX على لغة تصميم مميزة، حيث تميزت السيارة بمظهر انسيابي مع خطوط حادة ومصابيح أمامية مسحوبة، ومصدات منخفضة تمنحها حضورًا قويًا على الطريق، ومن الناحية الهندسية، كانت NSX منصة ابتكار حقيقية، فقد كانت أول سيارة إنتاجية تُبنى بهيكل كامل من الألمنيوم، ما وفر وزنًا أخف دون التضحية بالصلابة، وفي الجيل الثاني، استمرت هوندا في نهجها الطموح، فأدخلت أنظمة هجينة متقدمة، ودمجت ثلاثة محركات كهربائية مع محرك احتراق داخلي قوي، ضمن نظام قيادة ذكي يوزع العزم بدقة متناهية، كما تم تطوير نظام تبريد ذكي للمحرك عبر فتحات تهوية موزعة بعناية على الهيكل، لضمان الحفاظ على درجة حرارة مثالية حتى في ظروف القيادة القاس

الإرث والتأثير العالمي

لم تكن هوندا NSX مجرد تجربة يابانية في عالم السيارات الخارقة، بل كانت بيانًا تقنيًا أثبت أن الأداء الفائق لا يتطلب دائمًا التضحية بالاعتمادية أو الراحة، كانت السيارة رسالة مباشرة للعالم، مفادها أن اليابان قادرة على منافسة بل وتجاوز أوروبا في عقر دارها، ومن أبرز آثار NSX كان تأثيرها على شركات مثل فيراري، التي بدأت تعيد التفكير في مفاهيم مثل الجودة، ومتانة الاستخدام، وتجربة القيادة اليومية، فقد أجبرت NSX الجميع على مراجعة أولوياتهم، وأثبتت أن الأداء يمكن أن يترافق مع هندسة متقنة وعمر طويل، وألهمت NSX أجيالًا من المهندسين، والمصممين، وعشاق السيارات، حيث أصبحت جزءًا من ثقافة السيارات العالمية، وظهرت في ألعاب الفيديو الشهيرة مثل Gran Turismo وNeed for Speed، وأفلام مثل Fast & Furious، لتُخلّد في ذاكرة محبي الأداء والابتكار.

في الختام، ومع توقف إنتاج الجيل الثاني من NSX في عام 2022، أسدلت هوندا الستار مؤقتًا على فصل مميز من تاريخها، ورغم غيابها عن خطوط الإنتاج، إلا أن إرث NSX لم يُغلق بعد، فقد تلوح في الأفق فرصة لولادة جيل ثالث، ربما يكون كهربائيًا بالكامل، يواصل ما بدأته الأجيال السابقة: تحدي المعايير، وإعادة تعريف السيارة الخارقة، وحتى ذلك الحين، تبقى NSX أسطورة محفورة في ذاكرة كل من جلس خلف مقودها، أو حتى حلم بذلك يومًا.

أسئلة شائعة

ما معنى NSX؟

NSX هي اختصار لعبارة New Sportscar eXperimental، أي “السيارة الرياضية التجريبية الجديدة”، وقد اختارت هوندا هذا الاسم لتعكس الطابع الابتكاري والتجريبي للمشروع عند إطلاقه.

متى تم إطلاق الجيل الأول من NSX؟

تم الكشف عن النسخة التجريبية من الجيل الأول عام 1989، وبدأ الإنتاج الرسمي في عام 1990 واستمر حتى عام 2005.

ما الذي يميز NSX عن باقي السيارات الرياضية؟

تتميز NSX بتوازن فريد بين الأداء العالي والاعتمادية، إلى جانب استخدام تقنيات متقدمة مثل هيكل الألمنيوم الكامل، وتقنية VTEC، ونظام هجين في الجيل الثاني، كما أن مساهمة آيرتون سينا في تطوير السيارة منحتها طابعًا استثنائيًا في التحكم والثبات.

هل ساهم آيرتون سينا فعلاً في تطوير NSX؟

نعم، قام بطل الفورمولا 1 آيرتون سينا باختبار النماذج الأولية من NSX وساهم في تحسين نظام التعليق والهيكل، مما جعل السيارة أكثر توازنًا وثباتًا على الحلبات.

لماذا لم تحقق NSX الجيل الثاني نفس نجاح الجيل الأول؟

رغم تفوقها تقنيًا، واجهت NSX الجيل الثاني منافسة شرسة من علامات أوروبية معروفة، إلى جانب سعر مرتفع نسبيًا، وابتعادها عن البساطة الميكانيكية التي عشقها جمهور الجيل الأول.