ملف قانوني يضع 5 شركات سيارات عالمية أمام القضاء البريطاني
في سابقة قانونية تعد الأكبر من نوعها على مستوى المملكة المتحدة، تواجه خمس شركات سيارات عالمية اتهامات بالتلاعب في اختبارات انبعاثات الديزل خلال محاكمة بدأت حديثًا في لندن. القضايا المثارة تمس أكثر من 1.6 مليون مالك سيارة وتثير جدلاً واسعًا حول الشفافية والمسؤولية البيئية في قطاع السيارات العالمي. في هذه المقالة نسلط الضوء على تفاصيل المحاكمة، التصريحات الرسمية، وردود الفعل المحلية والعالمية، إلى جانب خلفية الحدث وتداعياته المحتملة.
محتوى
التفاصيل

انطلقت في العاصمة البريطانية لندن محاكمة تاريخية ضد خمس شركات سيارات كبرى تشمل: مرسيدس، وفورد، ورينو، ونيسان، وبيجو-سيتروين، وسط اتهامات باستخدام برمجيات خادعة تضلل اختبارات انبعاثات الديزل. ووفق ما أعلنت الجهات القضائية، تُعد هذه القضية الأكبر من نوعها في تاريخ بريطانيا، مع مطالب بتعويضات قد تتجاوز 6 مليارات جنيه إسترليني.
تأتي هذه الإجراءات القانونية بعد مزاعم قوية بأن الشركات استخدمت أنظمة برمجية تُعرف باسم defeat devices، والتي تعمل على خفض انبعاثات أكسيد النيتروجين مؤقتًا فقط أثناء الاختبارات، بينما تكون الانبعاثات الحقيقية على الطريق أعلى بكثير من المسموح به.
تصريحات شركات السيارات
- مرسيدس: وصفت الاتهامات بأنها “تختزل هندسة الديزل المعقدة بشكل مبسط”.
- رينو: اعتبرت القضية “مليئة بالأخطاء”.
- فورد: قالت إن القضية “تفتقر إلى الأساس العلمي”.
- نيسان: رأت أن القضية “مبنية على تفسير قانوني مبالغ فيه”.
وأكدت جميع شركات السيارات أنها تنفي الادعاءات بشكل كامل، مشيرة إلى التزامها بالقوانين والمعايير البيئية طوال السنوات الماضية.
في المقابل، شدد المحامون المدافعون عن أصحاب السيارات على أن الشركات كان بمقدورها الالتزام بالمعايير البيئية عبر حلول تقنية بسيطة، مثل زيادة حجم خزانات مادة “أدبلو” أو إعادة تعبئتها بصورة دورية.
الجانب الإنساني والصدى البيئي

استشهد المحامي توماس دي لا مير داخل قاعة المحكمة بتقرير لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف يشير إلى أن الانبعاثات الفائضة الناتجة عن سيارات الديزل ساهمت في وفاة مبكرة لعشرات الآلاف في أوروبا والمملكة المتحدة خلال السنوات الأخيرة. ويؤكد ناشطون بيئيون أن القضية تمثل لحظة فارقة في مساءلة الشركات الكبرى عن الأضرار الصحية والبيئية لأنشطتها.
روزاموند أدو-كيسي-ديبرا، والدة إيلا أول طفلة يُسجل سبب وفاتها “تلوث الهواء” في بريطانيا، صرحت: “الانبعاثات غير القانونية لمركبات الديزل أثرت على حياة كثيرين، وهذه خطوة نحو التغيير.”
تثير القضية وفق مراقبين ضرورة ترسيخ قيم الشفافية وتعزيز ثقة المستهلكين في معايير السلامة البيئية، ما قد يؤدي بدوره إلى تغييرات جذرية في سياسات التصنيع والتسويق بمصانع السيارات الكبرى.
من “ديزل غيت” إلى المحاكم البريطانية

تعيد المحاكمة الحالية إلى الأذهان فضيحة ضخمة ضربت قطاع السيارات سنة 2015، حين أقرت فولكس فاجن باستخدامها برمجيات مشابهة لتضليل الهيئات الرقابية بشأن نتائج انبعاثات الديزل. هذه الأزمة، المعروفة باسم “ديزل غيت”، فجرت موجة من الغضب وأسفرت عن إصلاحات واسعة في قوانين الانبعاثات وفرض رقابة أكثر صرامة في أوروبا والعالم.
واليوم، يرى الخبراء القانونيون أن قضية لندن تمثل اختبارًا حقيقيًا للنظام القانوني البريطاني وقدرته على محاسبة كبرى شركات الصناعة في قضايا الاستدامة وحماية البيئة.
تأثيرات القضية محليًا وعالميًا
من المنتظر أن يؤدي الحكم المرتقب في هذه القضية إلى تداعيات واسعة على صناعة السيارات في بريطانيا وأوروبا والعالم، سواء على صعيد التشريعات أو إجراءات الرقابة والتدقيق.
تشير التقديرات إلى أن صدور حكم لصالح المتضررين قد يدفع المصنعين إلى مراجعة سياساتهم نحو مزيد من الابتكار النظيف، كما قد يشكل سابقة قانونية تعزز حقوق المستهلكين في مواجهة التقنيات المضللة.
من ناحية أخرى، تمثل القضية دافعًا لقادة القطاع الصناعي للتوازن بين الأداء البيئي للمنتجات ومتطلبات السوق– مع الحفاظ على ثقة الجمهور والسياسات الحكومية.
الخلاصة
تقف خمس شركات سيارات عالمية اليوم أمام محكمة بريطانية في مواجهة واحدة من أكبر القضايا البيئية في تاريخ الصناعة. إذ تهدد التعويضات الضخمة والمطالبات القانونية بتغيير معالم تصنيع ومحاكمة القاطرة الصناعية الأشهر في العالم. ومهما كان الحكم المنتظر خلال صيف العام المقبل، من المحقق أن القضية ستؤثر على معايير الانبعاثات وسبل الإشراف البيئي خلال السنوات القادمة، وتدفع باتجاه مزيد من الشفافية وابتكار حلول نظيفة في صناعة السيارات العالمية.





